سورة المعارج - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المعارج)


        


{كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)}
ثم قال: {كَلاَّ} وهو ردع لهم عن ذلك الطمع الفاسد.
ثم قال: {إِنَّا خلقناهم مّمَّا يَعْلَمُونَ} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: الغرض من هذا الاستدلال على صحة البعث، كأنه قال: لما قدرت على أن أخلقكم من النطفة، وجب أن أكون قادراً على بعثكم.
المسألة الثانية: ذكروا في تعلق هذه الآية بما قبلها وجوهاً أحدها: أنه لما احتج على صحة البعث دل على أنهم كانوا منكرين للبعث، فكأنه قيل لهم كلا إنكم منكرون للبعث، فمن أين تطمعون في دخول الجنة.
وثانيها: أن المستهزئين كانوا يستحقرون المؤمنين، فقال تعالى: هؤلاء المستهزئون مخلوقون مما خلقوا، فكيف يليق بهم هذا الاحتقار.
وثالثها: أنهم مخلوقون من هذه الأشياء المستقذرة، فلو لم يتصفوا بالإيمان والمعرفة، فكيف يليق بالحكيم إدخالهم الجنة.


{فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)}
يعني مشرق كل يوم من السنة ومغربه أو مشرق كل كوكب ومغربه، أو المراد بالمشرق ظهور دعوة كل نبي وبالمغرب موته أو المراد أنواع الهدايات والخذلانات {إِنَّا لقادرون على أَن نُّبَدّلَ خَيْراً مّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} وهو مفسر في قوله: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ على أَن نُّبَدّلَ أمثالكم} [الواقعة: 60، 61] وقوله: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ} مفسر في آخر سورة والطور، واختلفوا في أن ما وصف الله بالقدرة عليه من ذلك هل خرج إلى الفعل أم لا؟ فقال بعضهم: بدل الله بهم الأنصار والمهاجرين فإن حالتهم في نصرة الرسول مشهورة، وقال آخرون بل بدل الله كفر بعضهم بالإيمان، وقال بعضهم: لم يقع هذا التبديل، فإنهم أو أكثرهم بقوا على جملة كفرهم إلى أن ماتوا، وإنما كان يصح وقوع التبديل بهم لو أهلكوا، لأن مراده تعالى بقوله: {إِنَّا لقادرون على أَن نُّبَدّلَ خَيْراً مّنْهُمْ} بطريق الإهلاك، فإذا لم يحصل ذلك فكيف يحكم بأن ذلك قد وقع، وإنما هدد تعالى القوم بذلك لكي يؤمنوا.


{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)}
ثم ذكر تعالى ذلك اليوم الذي تقدم ذكره فقال: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداثِ سِرَاعاً} وهو كقوله: {فَإِذَا هُم مّنَ الأجداث إلى رَبّهِمْ يَنسِلُونَ} [يس: 51].
قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خاشعة أبصارهم تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ اليوم الذي كَانُواْ يُوعَدُونَ}.
اعلم أن في {نَصَبٌ} ثلاث قراءات أحدها: وهي قراءة الجمهور {نَصَبٌ} بفتح النون والنصب كل شيء نصب والمعنى كأنهم إلى علم لهم يستبقون والقراءة الثانية: {نَصَبٌ} بضم النون وسكون الصاد وفيه وجهان:
أحدهما: النصب والنصب لغتان مثل الضعف والضعف وثانيهما: أن يكون جمع نصب كشقف جمع شقف والقراءة الثالثة: {نَصَبٌ} بضم النون والصاد، وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون النصب والنصب كلاهما يكونان جمع نصب كأسد وأسد جمع أسد وثانيهما: أن يكون المراد من النصب الأنصاب وهي الأشياء التي تنصب فتعبد من دون الله كقوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب} [المائدة: 3] وقوله: {يُوفِضُونَ} يسرعون، ومعنى الآية على هذا الوجه أنهم يوم يخرجون من الأجداث يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصارهم، وبقية السورة معلومة، والله سبحانه وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9